كتب كمال طبّيخة أن الحكومة المصرية تعلن انتهاء الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهل البلاد منذ 2022، مشيرة إلى تعافي الجنيه وتراجع التضخم كدلائل على الاستقرار. لكن محللين يوضحون أن الصورة أكثر تعقيدًا، وأن ملايين المواطنين ما زالوا بعيدين عن جني ثمار هذا التحسن.
أوضح تقرير ذا ناشيونال أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي صرّح الشهر الماضي بانتهاء الأزمة، مؤكّدًا أن مصر لن تطلب تمويلًا إضافيًا من صندوق النقد الدولي بعد القرض الحالي البالغ 8 مليارات دولار. ارتفعت قيمة الجنيه أمام الدولار بنسبة 5.25% منذ بداية العام وحتى سبتمبر، وانخفض التضخم إلى أدنى مستوياته منذ 2022 بعد أن تجاوز 35% في بداية 2024. كما توقعت الحكومة تراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 80% العام المقبل بعد وصولها إلى 97%، بجانب زيادة الصادرات الزراعية بأكثر من نصف مليون طن.
مع ذلك، يشير محللون إلى هشاشة هذا التعافي. قال الخبير الاقتصادي محمد رجب إن الإصلاحات ساعدت على استقرار الوضع بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، لكن مصر "عادت إلى ما كانت عليه عام 2016" حين لجأت إلى صندوق النقد ووعدت بتحرير الاقتصاد لصالح القطاع الخاص. ورغم خطوات مثل تعويم الجنيه، ما زال الحضور الواسع للدولة يعيق الاستثمار. وأكد رجب أن التعافي الحقيقي لن يبدأ إلا إذا تراجع دور الدولة وازدهر القطاع الخاص.
أبدى صندوق النقد نفسه قلقه من بطء الإصلاحات، إذ اشترط ضمن برنامج القرض بيع عشرات الشركات المملوكة للدولة والجيش لجذب استثمارات أجنبية، غير أن التقدم محدود، ما دفعه إلى حجب شريحة جديدة من التمويل.
سجلت مصر نموًا ملحوظًا في الصادرات، خاصة الزراعية والهندسية، التي ارتفعت بنسبة 15% في النصف الأول من العام. وخفّض البنك المركزي أسعار الفائدة ثلاث مرات من 27.5% إلى 22%، مما خفّض كلفة التمويل على الشركات وساعدها على التوسع في الإنتاج. وأوضح رجب أن هذه الخطوة دعمت القدرة التنافسية للمصدرين في الأسواق العالمية. لكن المستهلك المحلي في السوق المحلية انهارت قدرته الشرائية.
تكشف بيانات البنك المركزي استمرار اعتماد مصر على أدوات دين قصيرة الأجل، حيث يبلغ متوسط استحقاق الدين العام نحو عام ونصف فقط، وهو تحسن طفيف مقارنة بالعام الماضي. ويرى محللون أن جزءًا من التعافي الحالي يعكس ضعف الدولار عالميًا، ما عزز قوة الجنيه وخفف بعض الضغوط. وعلّق رجب بأن الاستقرار النسبي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية أعمق لضمان استدامة التعافي
في المقابل، لا يلمس المواطنون كثيرًا من هذا التفاؤل الرسمي. فبينما تراجع التضخم إلى 12% الشهر الماضي، ما زالت أسعار السلع الأساسية مرتفعة بشكل يعجز عنه دخل معظم الأسر. وأوضح المحلل السياسي عبد الله ناصف أن إعلان الحكومة الانتصار لا يعكس الواقع الذي يعيشه الناس، حيث الأجور راكدة والأسعار منهكة.
وأشار ناصف إلى أن الحكومة تركز على مؤشرات كلية مثل الدين والصادرات، بينما تغفل حياة المواطنين اليومية. وطالب بمزيد من الشفافية حول مصادر الأموال وكيفية إنفاقها، محذرًا من أن الاعتماد على صفقات غامضة مثل بيع أصول الدولة يثير تساؤلات حول استدامة الاستراتيجية الاقتصادية.
يخلص التقرير إلى أن ملايين المصريين يعتبرون الأزمة مستمرة، وأن نجاح أي تعافٍ اقتصادي لن يقاس إلا بمدى انعكاسه على قدرتهم على العيش بكرامة وسط أسعار يمكن تحملها.
https://www.thenationalnews.com/news/mena/2025/09/26/egyptian-pound-inflation-egypt-economic-crisis/